يشهد سوق المطاعم والمقاهي في المملكة العربية السعودية نموًا ملحوظًا، مدفوعًا بعدة عوامل منها التنوع الثقافي والتغيرات الديموغرافية والتطورات الاقتصادية التي تدعم خطة 2030، حيث قُدرت قيمة سوق الخدمات الغذائية بحوالي 27.18 مليار دولار أمريكي في عام 2024، ومن المتوقع أن تصل إلى 42.48 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2029. هذا النمو يعكس الزيادة في الطلب على الأطعمة المتنوعة والجودة العالية في الخدمات، و من الجدير بالذكر أن المطاعم تحتل الحصة الأكبر من السوق، مع توقعات بنمو سنوي مركب يبلغ 8.76% خلال الفترة من 2024 إلى 2029. يعزز هذا النمو الاهتمام المتزايد بالمأكولات العالمية والأطباق الآسيوية، خاصة بين الشباب الذين يشكلون نسبة كبيرة من سكان المملكة.

كذلك تُشير توقعات كبار الاقتصاديين إلى أن استضافة السعودية لمعرض “إكسبو 2030″ ستسهم في دعم القطاع بصورة ملحوظة وتساهم في تغيير مساراته، أما عن آخر التقارير الإحصائية فقد تبين أنه في عام 2023، تم تسجيل حوالي 4 آلاف مطعم جديد، ليرتفع العدد الإجمالي للمطاعم إلى 70 ألفاً، مما يمثل زيادة قدرها 5% عن العام السابق 2022.

بينما ارتفع نمو المقاهي أيضًا سريعًا، مع معدل نمو سنوي مركب يقدر بـ 11.74%، مما يعكس تغير أنماط الحياة وزيادة العمل عن بُعد. هذا التوجه يدعمه الطلب المتزايد على مساحات العمل المشتركة والبيئات الاجتماعية التي توفرها هذه المقاهي.

نظرة مفصلة على اتجاهات المطاعم في السعودية للنصف الأول من عام 2024

شهدت المدن الكبرى مثل الرياض وجدة تحولًا إلى وجهات رئيسية لعشاق الطعام على حد السواء مع كونهم وجهات سياحية، مما أدى إلى انعكاس هذا التنوع الغني على المشهد الغذائي بالمملكة العربية السعودية، وقد شهد النصف الأول من العام الجاري 2024 تدفق النكهات الغريبة والبدائل النباتية وانتشار المطاعم الصحية، حيث هدفت المطاعم إلى مفاجأة العملاء وإسعادهم بمجموعات غير تقليدية وعروض تقديمية خيالية، تلبي الأذواق المتطورة للعملاء المتنوعين وتقدم أطباق صحية باتباع المعايير المثالية لصحة الإنسان. وعلى صعيد آخر لُحظ ظهور اتجاه قوي بين قطاع كبير من السعوديين، وهو الاهتمام بالأطباق السعودية التقليدية، لذلك شهدت المطاعم المحلية نموًا كبيرًا، كذلك ادى التعاون بين الطهاة والمطاعم وحتى الصناعات المختلفة على تعزيز الابتكار وخلق تجارب طهي فريدة من نوعها.

عوامل نجاح  قطاع المطاعم والمقاهي في المملكة

– تغيرات الأذواق والثقافة الاستهلاكية: يشهد المجتمع السعودي تحولاً في الاهتمام بتجربة الطعام وتناول الوجبات خارج المنزل، مما يساهم في نجاح المطاعم والمقاهي.

– تجربة الطعام الجديدة: يسعى الناس في السعودية إلى اكتشاف نكهات مختلفة وتجارب غذائية فريدة، مما يزيد الإقبال على المطاعم والمقاهي.

– النمو العمراني واختيار الموقع: التوسع العمراني والاقتصادي يعزز الطلب على المطاعم والمقاهي، ويوفر فرصاً استثمارية متنوعة، لذا يجب اختيار موقع حيوي لفتح المطعم حتى تضمن الظهور والوصول للعملاء.

– الابتكار في المفهوم والتصميم: تقديم مفاهيم وتصاميم مبتكرة يمكن أن يجذب العملاء ويميز المطعم أو المقهى عن المنافسين.

– توظيف التكنولوجيا: استخدام التكنولوجيا لتعزيز تجربة العملاء، مثل تطبيقات الطلبات والحجوزات وطرق الدفع الإلكترونية ووجود المطاعم السحابية، يمكن أن يحسن الكفاءة ويجذب العملاء.

– الشغف والتركيز والنظافة: تعد عوامل أساسية وحاسمة في تقديم تجربة مميزة ونجاح المطاعم والمقاهي.

– الاستفادة من الثقافة المحلية ودمجها: فهم الثقافة المحلية وتقديم خدمات تتناسب مع تفضيلات العملاء السعوديين يساهم في جذب وإرضاء العملاء.

– الاستعداد للتحديات: القدرة على التعامل مع التحديات، مثل التنافس الشديد وتغيرات السوق، تعد ضرورية للبقاء والنجاح في هذا القطاع.

– التحليل الدقيق لسوق المطاعم والمقاهي:  يعد أمرًا حيويًا للمستثمرين وأصحاب الأعمال الذين يتطلعون إلى استغلال الفرص المتاحة في هذا القطاع الواعد، ويعطي إحصائيات دقيقة يمكن البدء عليها لتأسيس مشروع ناجح.

– التسويق: يعتبر التسويق من أسباب النجاح الأولى لأي مطعم، لذا يجب التعاون مع شركات خاصة ومحترفة في هذا الأمر، حتى يصل المطعم أو المقهى إلى أكبر شريحة ممكنة من الناس سواء عبر طرق التسويق التقليدية أو عبر التسويق الإلكتروني.

تغيرات نمط المستهلك السعودي

تُظهر آخر الإحصائيات الاستهلاكية في المملكة العربية السعودية، أنه هناك تغيرًا قد حدث لنمط المستهلكين السعوديين فيما يخص قطاع المطاعم، وذلك لما يظهرونه من اهتمامًا متزايدًا بالمطاعم التي تقدم اللحوم كعنصر أساسي في الوجبات، وخاصة الدجاج الذي تفوق على لحم البقر في الاستهلاك خلال العقود الثلاثة الماضية. ومن المتوقع أن تنمو منافذ البيع المتسلسلة “food chains” بأكثر من 9% خلال الستة أعوام المقبلة، مع توقعات بنمو قطاع البرغر بمعدل نمو سنوي يبلغ 7.5% حتى عام 2029.

كيف تعمل المملكة العربية السعودية على رفع كفاءة قطاع المقاهي والمطاعم؟

تُركز السعودية على تعزيز معايير الجودة والسلامة الغذائية، وتكثيف برامج التوعية بصحة وسلامة الغذاء، وتطبيق أفضل الممارسات التشغيلية في قطاع المطاعم والمقاهي، هذه الخطوات ستساعد على تحسين تجربة العملاء وتعزيز الثقة في القطاع، مما يخلق بيئة مواتية للاستثمار والنمو، بالإضافة إلى ذلك، تُظهر الورش والندوات التي تُنظمها الغرف التجارية والصناعية في السعودية، مثل ورشة عمل “سلامة الغذاء والأنظمة البلدية التشغيلية للمطاعم والمقاهي”، التزام القطاع لتحقيق مستهدفات رؤية 2030 وإبراز دوره في التنمية الاقتصادية.

ما هي مميزات قطاع المطاعم والمقاهي في السعودية؟

أولًا: النمو المستمر يشهد القطاع نموًا مضطردًا، مع زيادة في عدد المطاعم والمقاهي، وهو ما يعكس الطلب المتزايد ويوفر فرصًا كبيرة للمستثمرين، فالسوق السعودي هو أرضية تحقيق الأحلام الآن.

ثانيًا: دعم ريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة للشباب: تولي السعودية أهمية كبرى لريادة الأعمال، ويعد قطاع المطاعم والمقاهي من القطاعات التي تتلقى دعمًا كبيرًا في هذا الإطار، مما يساهم في تطوير الاقتصاد الوطني.

ثالثًا: هامش ربح مرتفع يتمتع القطاع بمستويات ربحية جيدة، مما يجعله خيارًا استثماريًا مغريًا للمستثمرين المحليين والدوليين.

رابعًا: فرص النمو يوجد مجال كبير للتوسع في القطاع، خاصة مع وجود عدد المقاهي بالنسبة لعدد السكان أقل من المستويات العالمية، مما يعني وجود فرص نمو كبيرة.

خامسًا: الاستثمار في التكنولوجيا يستفيد القطاع من التقدم التكنولوجي، خاصة في مجالات توصيل الطلبات والحلول الرقمية لإدارة المطاعم، مما يعزز كفاءته ويجذب المزيد من العملاء.

سادسًا: الفعاليات الكبرى مع استضافة السعودية لفعاليات دولية مثل “إكسبو 2030″، من المتوقع أن يشهد القطاع نموًا أكبر ويجذب اهتمامًا عالميًا.

سابعًا: توظيف الشباب حيث يساهم القطاع في توفير فرص عمل للشباب السعودي، مما يدعم الاقتصاد ويقلل من معدلات البطالة، فالبيئة السعودية بيئة خصبة مليئة بالخبرات مما سيجعل أمر التوظيف سهلًا على أي مستثمر يقرر افتتاح مطعم أو مقهى في المملكة.

وفي ختام هذا التحليل، يمكن القول بأن سوق المطاعم والمقاهي في السعودية يشهد نمواً متسارعاً، مدفوعاً بتنوع الخيارات وزيادة الطلب وتحرر سياسات المملكة الداخلية التي تدعم المشاريع الاستثمارية وتعد بمستقبل مشرق لتقديم تجربة طعام مبتكرة وفريدة تتماشى مع التغيرات الاجتماعية والثقافية التي يشهدها السوق السعودي. ومع ذلك، يجب على المستثمرين مراعاة التحديات المحتملة، مثل المنافسة الشديدة والتغيرات التنظيمية، لضمان النجاح والاستدامة في هذا السوق الحيوي.